أكد الكاتب والمستشار الإعلامي الدكتور خالد الخضري على أهمية رؤية المملكة العربية السعودية ٢٠٣٠ معتبرا أنها رؤية عظيمة تعمل على تحقيق منجز تنموي حضاري واقتصادي، وتعمد على تطوير المجتمع السعودي وتحقيق مزيد من الرفاه لأبنائه من خلال المشروعات الثقافية المتنوعة، وجودة الحياة.
وأشار إلى عدد من التحولات التي شهدها الإعلام والثقافة السعودية، في محاضرة قدمها ضمن فعاليات سبتية الجريفة الثقافية الثلاثاء الماضي، جاءت بعنوان: “التحولات الإعلامية والثقافية في ظل رؤية المملكة ٢٠٣٠” بدعوة من مؤسسة وصاحب السبتية الأستاذ إبراهيم التويم. وإدارة الأمسية الكاتب عوضه الدوسي، وحضرها عدد من المهتمين.
أشار الخضري في مستهل حديثة عن التحولات الإعلامية والثقافية في المملكة، إلى أن أولى التحولات التي حصلت كانت عند دخول الإنترنت إلى المملكة في منتصف التسعينات من القرن الماضي، وهذا ما أدى إلى قيام وكالة الأنباء السعودية إلى تأسيس موقع لها على الويب سايت الذي جعل بإمكان كل متلقي الحصول على الأخبار والتقارير والمواد الصحفية الأخرى التي كانت الوكالة تبثها ولا يمكن المتلقي من الإطلاع عليها سوى من خلال الصحف السعودية الورقية والتلفزيون السعودي، الأمر الذي أفقد الصحف السعودية هذه الميزة في تلك الفترة، كما صاحب ذلك ظهور القنوات التلفزيونية الفضائية التي كانت تتابع الأحداث السياسية الدولية أولا بأول ما جعل الخبر السياسي يتراجع عن الصفحات الأولى في الصحف السعودية.
ثم جاء التحول الأهم، وهو ظهور وسائل التواصل الاجتماعي التي أحدثت ثورة على الإعلام التقليدي وأتاحة الفرصة لكل إنسان أن يقدم نفسه ويقدم ما لديه عبر منصته الخاصة ومن خلال جواله.
أما الثقافة فقد كانت مختصرة على أنشطة الأندية الأدبية بنمطها التقليدي وبعض المؤسسات الثقافية الأخرى مثل جمعية الثقافة والفنون وعدد بسيط من الصالونات الأدبية الخاصة.
لكن الذي حدث في المملكة النقلات العظيمة المواكبة لكل تلك التحولات عبر رؤية المملكة ٢٠٣٠ التي أطلقها ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان حفظه الله بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله في العام ٢٠١٦ التي ركزت على مطلقات ثلاث: مجتمع حيوي، اقتصاد مزدهر،وطن طموح.
والمجتمع الحيوي الذي يمثل الهدف الأول للرؤية هو ما عملت عليه عبر العمل على تحسين جودة الحياة من خلال المشروعات الثقافية والترفيهية والسياحية التي تربط المواطن بتراثه العريق وعاداته القيمة، وتجعل منه مواكبا للتغيرات التي يعيشها العالم.
ففي الشق الإعلام حصل تحول
وفي إطار رؤية 2030، تم التركيز على تحويل قطاع الإعلام إلى صناعة حديثة ومؤثرة تسهم في نقل صورة المملكة عالميًا وتعزز مكانتها كمركز إقليمي للإعلام. تشمل التحولات الإعلامية ما يلي:
1. تطوير البنية التحتية الإعلامية:
أُطلقت مشاريع لتحديث الوسائل الإعلامية التقليدية وإدماج التكنولوجيا الحديثة، مثل التوسع في إنشاء استوديوهات عالمية وإطلاق منصات رقمية محلية تنافس عالميًا.
2. الاهتمام بالإعلام الرقمي:
من خلال مشاريع مثل “منصة مدينتي”، التي توثق التحولات الحضارية للمملكة، تم دعم الإعلام الرقمي كمحرك رئيسي للمحتوى التفاعلي، مما يعكس الهوية السعودية بأسلوب عصري.
3. تعزيز المحتوى المحلي:
تم الاستثمار في إنتاج الأفلام والمسلسلات السعودية، بما يعزز تمثيل الثقافة المحلية عالميًا. على سبيل المثال، هيئة الإعلام المرئي والمسموع أطلقت مبادرات لدعم صناع الأفلام السعوديين.
4. إطلاق منصات عالمية:
منصة “شاهد” وغيرها من المبادرات السعودية أصبحت تنافس منصات البث الكبرى، مع التركيز على تقديم محتوى عربي عالي الجودة.
أما عن التحولات الثقافية، فإن
الجانب الثقافي يُعد من المحاور الأساسية لرؤية 2030، حيث تهدف المملكة إلى تعزيز الهوية الوطنية والانفتاح على الثقافات الأخرى مع الحفاظ على القيم السعودية الأصيلة. تشمل هذه التحولات:
القيام بإنشاء وزارة الثقافة التي تم تأسيسها في العام 2018 لقيادة جهود التطوير الثقافي، الوزارة التي سعت على الفور على جعل الثقافة نمط حياة، وذات تأثير إيجابي على سلوك الناس.
وقامت بإطلاق استراتيجيات لتطوير الفنون، الأدب، والمسرح.
إلى جانب المشاريع الثقافية المهمة التي منها:
مشاريع كبرى لدعم الفنون والتراث والتي منها:
مشروع “بوابة الدرعية”: والذي يهدف لتحويل الدرعية إلى وجهة ثقافية عالمية تعكس التراث السعودي.
ومبادرة “روح السعودية”: لتعزيز السياحة الثقافية وإبراز المواقع التراثية، مثل مدائن صالح وجدة التاريخية.
ومهرجان “نور الرياض”: الذي يدمج الفنون البصرية مع التكنولوجيا الحديثة.
إلى جانب المشروع الضخم الهام جدا وهو “دعم المواهب المحلية” حيث أطلقت المملكة برامج لتمكين الفنانين السعوديين، مثل “برنامج تطوير الصناعات الثقافية”، الذي يوفر الدعم المالي والتدريب.
وكذلك “استقطاب الفعاليات العالمية” حيث استضافت المملكة معارض وفعاليات فنية كبرى، مثل “بينالي الدرعية”، وفعاليات موسيقية دولية ضمن “موسم الرياض”.
وأشار الخضري إلى أبرز المشاريع المشتركة بين الإعلام والثقافة، والمتمثلة في مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء):
حيث يعد “إثراء” – منصة تجمع بين الإعلام والثقافة – يقدم عبره محتوى ثقافيًا غنيًا، إضافة إلى استضافة مهرجانات وفعاليات عالمية.
إما مشروع نيوم الإعلامي فهو قصة أخرى من الإنجازات العظيمة التي تنهض بها رؤية المملكة ٢٠٣٠ حيث يركز على تحويل منطقة نيوم إلى مركز عالمي للإنتاج الإعلامي، مع بنية تحتية تكنولوجية متطورة ودعم للمبدعين السعوديين.
إلى جانب برامج “رؤية العلا”:
والتي تهدف إلى تحويل منطقة العلا إلى متحف مفتوح يربط بين الإعلام والسياحة الثقافية.
وأكد الخضري في ختام حديثه إلى أن التحولات الإعلامية والثقافية في المملكة تعكس رؤية طموحة لتكون السعودية نموذجًا رائدًا في العالم العربي. من خلال التركيز على تطوير المحتوى المحلي، ودعم المواهب، واستقطاب الفعاليات العالمية، تواصل المملكة إعادة صياغة هويتها لتلائم العصر الحديث مع الحفاظ على جذورها التاريخية. رؤية 2030 ليست مجرد خطة تنموية، بل هي قصة تحول شامل نحو مستقبل مشرق.
علق مدير تحرير ثقافية صحيفة الرياض الكاتب عبدالله الحسني مشيرا إلى أهمية هذا الطرح وموضوع المحاضرة، النابع من أهمية الرؤية التي نلمس الآن أنها تجني ثمارها وتنعكس مشروعاتها الجبارة على أرض الواقع، حيث أحدثت الرؤية هذا الحراك الثقافي التاريخي في المملكة، ولا يقتصر ذلك على القطاعين الإعلامي والثقافي وإنما في جميع الحقول والمستويات، وهذا ليس بغريب حقيقة، لكون الدول المتطورة والمتحضرة دائما ما تجعل الثقافة كمنطلق لنهضتها الحضارية.
كما تحدث الكاتب هاني الحجي رئيس ملتقى القصة الإلكتروني الذي أشاد بما طرحه د. الخضري مشيرا إلى أنه كمحاضر ومدرب يمتلك الكثير من الخلفية الثقافية العميقة التي تؤهله أن يتناول مثل هذه القضايا المهمة.
وأشار الحجي إلى دور المملكة الخارجي في التنوير الثقافي ونشر ثقافة التعايش وجسور التواصل التي صنعتها المملكة في الفترة الأخيرة ثقافيا حتى مع عدد من الدول والشعوب بأطيافهم المختلفة، وألمح إلى الواقع الجديد الذي يعاني منه الوسط الإعلامي في اعتبار مأزق يرتبط بمشاهير ومؤثري السوشل ميديا وهل هم إعلاميين أم خلاف ذلك، والجدل الدائر حول ذلك.
كما شارك عدد من الحضور بتعليقات ساهمت في إثراء اللقاء.