في لحظة فارقة من التحديات التي تواجه الإنسان العربي، وسط تصاعد الأزمات الإنسانية والانتهاكات الممتدة في العديد من دول الصراع في عالمنا العربي ، وقّع مجلس الشباب المصري والمرصد اليمني لحقوق الإنسان مذكرة تفاهم جديدة من قلب العاصمة المصرية، لتفتح بابًا أمام شراكة تنسيقية نوعية بين مؤسستين حقوقيتين فاعلتين، تقفان اليوم في مقدمة الدفاع عن العدالة وكرامة الإنسان في المنطقة.
التوقيع تمّ بمقر مجلس الشباب المصري بالقاهرة، بحضور الدكتور محمد ممدوح، رئيس مجلس الأمناء، والدكتور منير أحمد السقاف، المدير التنفيذي للمرصد اليمني، في لقاء عكس منذ لحظته الأولى الجدية والمسؤولية الأخلاقية والسياسية التي يحملها الطرفان، تجاه قضايا الحقوق والحريات في العالم العربي.
وأوضح الطرفان إن المذكرة ليست مجرد اتفاق شكلي، بل هي خطوة في مسار طويل من إعادة بناء الثقة بين الفاعلين العرب في المجال الحقوقي، بعد سنوات من التفكك والصوت الفردي. فهي تُشكّل بداية لتنسيق مشترك في العديد من القضايا المفصلية، على رأسها أوضاع اللاجئين والنازحين من مناطق الصراع، ومحاولات التهجير القسري، بالإضافة للتمكين المجتمعي للشباب والنساء وذوي الأعاقة ، وتوثيق الانتهاكات في البيئات التي لا يصلها الضوء الإعلامي أو الضغط الدولي.
وأوضح البيان الصادر ان الاتفاق يفتح الباب لتبادل الرؤى، وتنظيم ورش متخصصة، والتشاور حول البرامج الإقليمية، كما يشجع على التفكير الجماعي في سبل التأثير داخل المؤسسات الدولية، من منطلق عربي مستقل.
ما يُميز هذه الشراكة أنها لا تهدف إلى التداخل أو الإملاء، بل تعتمد على الاحترام المتبادل لخصوصية كل مؤسسة وسياقها الوطني والتشريعات الوطنية السارية في كل دولة ، مع الإيمان بأن التنسيق العربي الحقوقي لم يعد ترفًا، بل ضرورة وجودية في ظل انهيار السرديات التقليدية وتراجع الحماية الدولية للمدنيين في أكثر من ملف.
وفي الوقت الذي يُراهن فيه البعض على تآكل أدوار المجتمع المدني، يثبت هذا التفاهم أن الأصوات الجادة لا تزال قادرة على صياغة تحالفات ذكية وفعّالة، تدافع عن الإنسان العربي لا باعتباره ضحية، بل فاعلًا وشريكًا في صناعة التغيير.
في كلمته عقب التوقيع، قال الدكتور محمد ممدوح “نحن لا نوقع وثيقة تقليديه أو بروتوكولية ، بل نؤسس لمسار عربي تنسيقي يتعامل مع الإنسان بوصفه أولوية، ويعيد الاعتبار لصوتنا الحقوقي العربي على الساحة الدولية ونعتبر هذه خطوة أولى، ولكننا نعرف إلى أين نريد أن نصل”
أما الدكتور منير السقاف، فصرّح قائلاً “نوقع اليوم من القاهرة، ولكن أعيننا على كل الأماكن التي يُنتهك فيها الإنسان العربي دون شهود. حيث أن هذه الشراكة مع مجلس الشباب المصري تمثل إضافة نوعية في عملنا، وهي امتداد لمبدأ نؤمن به وهو ان الحقوق لا تُمنح، بل تُنتزع بالتنظيم والتضامن والتوثيق”
الجدير بالذكر إلى أن المؤسستين تحملان الصفة الاستشارية لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي بالأمم المتحدة (ECOSOC)، مما يضعهما في موقع متقدم للتأثير داخل المنصات الأممية، وتقديم تقارير ميدانية وتحليلية قادرة على كسر الصمت وفتح الملفات المسكوت عنها في المنطقة العربية.
بالاضافة الى أن هذه الشراكة ليست بين مؤسستين فقط، بل بين رؤيتين تحملان الأمل وسط الركام. وهي تعكس بداية تحول في المزاج العربي الحقوقي من التحركات الفردية نحو التنسيق،ومن العزلة نحو التضامن، ومن التنظير نحو الفعل.
فهل تنجح القاهرة هذه المرة في ان تكون منصةً لبناء تحالف عربي مدني جديد، قادر على مقاومة النسيان والإفلات من العقاب؟
هذا ما ستُجيب عنه الأيام المقبلة، ولكن البدايات دائمًا تُبشّر بما هو أكبر.
الرابط المختصر: http://economy-live.com/?p=63572