أكد الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، أن مصر قطعت شوطًا ضخمًا في بناء بنية تحتية رقمية متطورة تمهد الطريق لتطبيقات الذكاء الاصطناعي، مشيرًا إلى أن هذه البنية تنقسم إلى شقين رئيسيين: منظومة رقمية تُمكّن المواطن من التعامل السريع مع التكنولوجيا، وبنية معلوماتية متقدمة تدعم قدرات التحليل والمعالجة الذكية للبيانات.
وأوضح طلعت خلال كلمته في المؤتمر الدولي للذكاء الاصطناعي، أن سرعة الإنترنت في مصر قفزت من 5.6 ميجابت في الثانية عام 2019 إلى 90 ميجابت حاليًا، لتصبح مصر الأولى في إفريقيا في متوسط سرعة الإنترنت، وثاني أرخص دولة على مستوى القارة، بفضل استثمارات بلغت 3.3 مليار دولار في تطوير البنية التحتية خلال السنوات السبع الماضية.
وأشار الوزير إلى أن التطور الهائل في قدرات الحواسيب على اختزان البيانات وإجراء عمليات حوسبة معقدة هو ما أتاح للعالم الوصول إلى التطبيقات الذكية التي نعيشها اليوم، لافتًا إلى أن الوزارة تعمل منذ إطلاق الاستراتيجية الوطنية الأولى للذكاء الاصطناعي على امتلاك سوبر كمبيوتر مصري يُسهم في تحليل البيانات الضخمة ودعم الابتكار العلمي.
وكشف طلعت أن الاستراتيجية الثانية للذكاء الاصطناعي تستهدف تمكين بناء 250 شركة ناشئة في هذا المجال خلال السنوات الخمس المقبلة، مؤكدًا أن الشركات الناشئة لا يمكن أن تزدهر دون توفير مصفوفات بيانات ضخمة تُحوّل إلى قيمة مضافة تخدم القطاعين العام والخاص.
وشدد الوزير على أن البيانات تمثل العمود الفقري لمنظومة الذكاء الاصطناعي، لذا تعمل الدولة على تبني سياسة متوازنة تحافظ على خصوصية المعلومات دون تقييد استخدامها بما يعرقل الابتكار. وأضاف أن مصر تمتلك ثروة بيانات ضخمة تمت أتمتتها على مدى عقدين كاملين، ما يجعلها من أكثر الدول قدرة على توظيف البيانات لخدمة المواطن.
وأوضح طلعت أن العنصر الثالث في استراتيجية الذكاء الاصطناعي المصرية هو تطوير التطبيقات الذكية من خلال تشجيع بناء خوارزميات متقدمة في مختلف القطاعات، بينما يتمثل العنصر الرابع في تعزيز ريادة الأعمال عبر دعم الشركات الناشئة وتوفير بيئة محفزة للابتكار.
أما العنصر الخامس، وهو قلب الاستراتيجية، فيركز على تأهيل الكوادر البشرية، حيث تُدرّب الوزارة نصف مليون شخص سنويًا في مجالات تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي. كما أطلقت مبادرات تدريبية تمتد من سن 8 إلى 88 عامًا لضمان إشراك جميع فئات المجتمع في رحلة التحول الرقمي.
وأشار طلعت إلى أن شركة عالمية كبرى اختارت القاهرة مقرًا لعقد مؤتمر دولي للذكاء الاصطناعي في فبراير المقبل، بعد أن رأت في مصر مركزًا إقليميًا واعدًا في هذا المجال.
وأضاف أن الوزارة تضع الوعي المجتمعي ضمن أولوياتها، لرفع إدراك المواطنين بقدرات الذكاء الاصطناعي وفرصه في خلق وظائف جديدة، إلى جانب فهم المخاطر التي قد تنجم عن استخداماته غير المسؤولة.
واستعرض الوزير مثالًا تطبيقيًا بارزًا في هذا الإطار، إذ طوّر مركز الإبداع التكنولوجي منظومة لاكتشاف سرطان الثدي بدقة تتجاوز 96%، مستندة إلى الصفات الجينية والوراثية للمرأة المصرية، في خطوة تعكس توظيف الذكاء الاصطناعي لخدمة الرعاية الصحية.
وأوضح أن هذه البيانات تُخزَّن ضمن منظومة التأمين الصحي الشامل، وتُدار ضمن إطار من الشفافية والحيادية وفقًا لقانون حماية البيانات الشخصية الذي أطلقته الدولة لضمان الاستخدام المسؤول للمعلومات.
واختتم الدكتور عمرو طلعت حديثه بالتأكيد على أن مصر ترأست المجموعة العربية لإعداد استراتيجية الذكاء الاصطناعي العربية، وتسعى لتمثيل المنطقة في مواثيق استخدام البيانات بحيادية لخدمة البشرية، مشددًا على أن الاستثمار في الذكاء الاصطناعي اليوم هو الطريق نحو مستقبل أكثر ابتكارًا وعدلاً وإنسانية.
الرابط المختصر: http://economy-live.com/?p=77535