أكد الدكتور بدر عبدالعاطي، وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج، خلال افتتاح الدورة الثانية لمعرض ومؤتمر AIDC 2025 للذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات والحوسبة السحابية ضمن فعاليات Cairo ICT، أن العالم يشهد تحولًا تكنولوجيًا بالغ العمق تقوده تقنيات الذكاء الاصطناعي، والتي لم تعد خيارًا إضافيًا بل أصبحت عنصرًا محوريًا في مختلف جوانب الحياة الحديثة.
وفي كلمته خلال جلسة مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي AIDC، أوضح الوزير أن انعقاد المؤتمر هذا العام تحت رعاية وزارة الخارجية يعكس التزامًا واضحًا بتعزيز موقع مصر كمركز إقليمي رائد في مجالات الذكاء الاصطناعي، وذلك استنادًا إلى توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي الرامية إلى تطوير البنية التحتية الرقمية، والاستفادة من الموقع الجغرافي لمصر كنقطة مركزية لكابلات الاتصالات الدولية، إلى جانب بناء قدرات الشباب وتمكينهم من المنافسة عالميًا.
وأشار عبدالعاطي إلى النمو المتسارع لسوق الذكاء الاصطناعي عالميًا، إذ من المتوقع أن يبلغ حجمه نحو 1.8 تريليون دولار بحلول عام 2030، وهو ما يجعل من مصر بيئة جاذبة للابتكار والاستثمار في المنطقة.
وأضاف أن الذكاء الاصطناعي أصبح واقعًا حاكمًا للتطور التقني، ومن يتأخر عن مواكبته سيجد نفسه خارج سياق المستقبل، خاصة مع اتساع تطبيقاته في الصحة والتعليم والزراعة والإدارة العامة، وما توفره من فرص واسعة لتحسين جودة الحياة وتحقيق التنمية المستدامة.
وأشار الوزير إلى الأبعاد الأخلاقية والإنسانية لهذه التقنيات، مشيرًا إلى أن الذكاء الاصطناعي استخدم مؤخرًا بشكل “غير منضبط” في استهداف المدنيين في قطاع غزة، من خلال أنظمة تعتمد على تحليل البيانات لتحديد الأهداف العسكرية، مع محاولة التنصل من المسؤولية بادعاء أن القرارات اتخذتها خوارزميات وليس أفرادًا.
وشدد قائلاً: “هذا أمر مرفوض تمامًا، ويجب محاسبة كل من تورط في هذه الانتهاكات، فلا يجوز أن تصبح الخوارزميات شماعة للإفلات من العقاب”، وأكد أن غياب الرقابة البشرية يشكل خطرًا حقيقيًا، ويبرز الحاجة الملحة لإطار دولي تحت مظلة الأمم المتحدة ينظم استخدام الذكاء الاصطناعي في المجالات العسكرية ويضع قيودًا على الأسلحة ذاتية التشغيل.
وقال عبدالعاطي إن مصر استوعبت مبكرًا هذه التحولات التقنية، وشاركت بنشاط في صياغة التوجهات الدولية المنظمة لها، سواء في مجلس الأمن أو الجمعية العامة للأمم المتحدة، وصولًا إلى مشاركتها الفعالة في إعداد الميثاق الرقمي العالمي 2024.
وعلى الصعيدين العربي والإفريقي، قادت مصر إعداد كلٍّ من الاستراتيجية العربية الموحدة للذكاء الاصطناعي والاستراتيجية الإفريقية، كما تمثل القارة في المجموعة الاستشارية التابعة للاتحاد الإفريقي المختصة بدراسة تأثير الذكاء الاصطناعي على الأمن القاري.
كما استعرض الوزير الدور الأساسي للتقنية في دعم أهداف التنمية المستدامة، من تطوير خدمات الصحة والتعليم، إلى مواجهة تحديات المناخ وتعزيز الزراعة الذكية وإدارة الموارد المائية، خاصة في الدول التي تعاني من شح المياه مثل مصر، وفي المقابل حذر من المخاطر المتنامية للتزييف العميق والمعلومات المضللة والاستخدام العسكري غير المنضبط.
وتناول عبدالعاطي أبرز التحديات المستقبلية المرتبطة بالتقنيات المتقدمة، ومنها الذكاء الاصطناعي الوكيلي Agentic AI القادر على اتخاذ خطوات تخطيطية وتنفيذية مستقلة، والذكاء الاصطناعي العام AGI الذي قد يقترب من القدرات البشرية، والذكاء الاصطناعي الكمي Quantum Intelligence الذي قد يحدث نقلة جوهرية في الأمن السيبراني والاقتصاد العالمي.
وقال الوزير إن مؤتمر AIDC يشكل منصة حوارية جادة تجمع الخبراء وصناع القرار لاستشراف مستقبل التقنيات الحديثة، موجّهًا الشكر لأسامة كمال وفريق تنظيم Cairo ICT على دعمهم ودورهم في إتاحة الفرصة للشباب للمشاركة في هذا المسار.
وأكد أن نجاح الثورة الرقمية يتطلب تحقيق توازن بين الابتكار والحوكمة، وبين التقدم والمسؤولية، مع الحفاظ على الإنسان في صميم العملية الرقمية، مشددًا على أن مصر ماضية في ترسيخ دورها كمركز إقليمي وعالمي للابتكار التكنولوجي.
الرابط المختصر: http://economy-live.com/?p=82247










