استعراض ملامح التحول الرقمي الجاري في مصر، وخطط الانتقال إلى مرحلة أكثر تطورًا في البنية الرقمية والخدمات المالية غير المصرفية، هو ما جرى خلال مشاركة اثنين من أبرز الشخصيات المعنية بالرقمنة المالية، هما إبراهيم سرحان، رئيس مجموعة eFinance، والدكتور محمد فريد، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، خلال جلسة نقاشية بمؤتمر القاهرة الدولي للتكنولوجيا بالشرق الأوسط وأفريقيا Cairo ICT في دورته التاسعة والعشرين.
أكد إبراهيم سرحان أن مجموعة eFinance حققت خلال السنوات الأربع الماضية «طفرة رقمية حقيقية»، بفضل توسع كبير في البنية التكنولوجية وتنفيذ مشروعات التحول الرقمي الحكومية، ما جعل المجموعة في موقع ريادي داخل منظومة الرقمنة الوطنية.
وأوضح سرحان أن المجموعة نفذت، بالتعاون مع مختلف جهات الدولة، عددًا واسعًا من المبادرات الاستراتيجية، ضمن رؤية واضحة لبناء بنية تحتية رقمية مستدامة، قادرة على خدمة ملايين المواطنين وقطاعات اقتصادية متنوعة. وأضاف أن ما تحقق يمثل قاعدة صلبة للانتقال إلى مرحلة جديدة من التطوير الرقمي، مشددًا على أهمية استمرار الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتعزيز الحوار المؤسسي لضمان تقديم خدمات رقمية أكثر كفاءة وجودة للمواطنين.
كشف الدكتور محمد فريد عن حزمة واسعة من المبادرات والمنصات الرقمية التي ستطلقها الهيئة العامة للرقابة المالية بدءًا من يناير المقبل، في خطوة تهدف إلى رفع كفاءة الرقابة والإشراف على القطاع المالي غير المصرفي.
وأوضح فريد أن الهيئة بصدد تدشين منصة مركزية رقمية (Profile Platform) لكل شركة خاضعة للرقابة، تتيح تنفيذ جميع المدفوعات إلكترونيًا، وربط الشركات بمقدمي خدمات الدفع، مع منح الهيئة قدرة رقابية آنية على الأداء والمعاملات.
وأشار إلى أن تطوير هذه المنصة تم بالتعاون مع مجموعة eFinance، ما يعكس تكامل الأدوار بين الجهات التنظيمية والشركات الوطنية في بناء الاقتصاد الرقمي.
وبيّن فريد أن استراتيجية الهيئة منذ عام 2023 ترتكز على ثلاثة محاور تشكّل الأساس لرقمنة القطاع:
التعريف الإلكتروني بالعميل (E-KYC)، التحقق الإلكتروني من الهوية والبيانات، العقود الرقمية الموثقة والقابلة للاحتجاج القضائي.
وأكد أن هذه المحاور مكّنت الهيئة من خفض الاعتماد على العنصر البشري، وتقليل الأخطاء، وتسريع إتمام العمليات التمويلية والتأمينية والاستثمارية، إضافة إلى حماية العقود الرقمية من أي تعديل عبر الاحتفاظ بنسخة مركزية لدى الهيئة.
وشدد فريد على أن المرحلة المقبلة ستعتمد بصورة أكبر على تحليل البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي لتعزيز الرقابة الاستباقية، والتدخل المبكر عند ظهور مؤشرات غير طبيعية في الأسواق.
وأشار إلى جهود جارية لتوحيد قواعد البيانات وتنقيحها وتحسين جودتها، لضمان تحويل «البيانات» إلى «معرفة» ثم إلى «قيمة مضافة» تسهم في رفع كفاءة الرقابة والخدمات.
أعلن فريد أن الهيئة أنهت تنسيقًا متقدمًا لربط شركات التخصيم التجاري مع منظومة الفواتير الإلكترونية للتحقق من صحة الفواتير قبل تمويلها، مؤكدًا أن الخطوة ستحدّ من الفواتير المزيفة وتسهم في تسريع عمليات تمويل الشركات.
كما تعمل الهيئة على ربط شركات التأمين و شركات إدارة الرعاية الطبية مع المستشفيات بهدف تسريع صرف التعويضات وخفض معدلات الاحتيال وتقديم تجربة أسرع وأكثر شفافية للعميل.
واستعرض فريد تقدمًا كبيرًا في تنظيم الشركات الناشئة في التمويل، ومنصات التمويل الجماعي (Crowd-funding)، وصناديق الاستثمار العقاري، موضحًا أن الهيئة تلقت أكثر من 25 طلبًا لإنشاء صناديق عقارية جديدة وفق القواعد التنظيمية الأخيرة، ما يعكس اتساع الطلب على الأدوات الاستثمارية المنظمة.
ورغم التقدم، أكد فريد وجود تحديات مستمرة تشمل: انخفاض الوعي بالمخاطر الرقمية لدى المستخدمين، الحاجة إلى تطوير بنية البيانات داخل الشركات.
وقال فريد في ختام كلمته: «نريد أسواقًا تنمو، ولكن بنمو منضبط يحمي المستثمر والمواطن ويضمن رقابة فعّالة وسريعة».
الرابط المختصر: http://economy-live.com/?p=82385











