قالت الدكتورة هند الصالح، رائدة الأعمال المغربية والرئيسة التنفيذية لمعهد ABCURR لريادة الأعمال، إن اقتصاد المنصّات الرقمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يشهد تحولات متسارعة، في ظل التحديات الاقتصادية المتزايدة التي تواجه المنطقة، وعلى رأسها ارتفاع معدلات بطالة الشباب، وزيادة الضغوط التضخمية على الأسر، وتأثير الاضطرابات الجيوسياسية على استقرار الأسواق.
وأوضحت الصالح أن هذه الأوضاع دفعت أعدادًا متزايدة من الأفراد، في دول تمتد من مصر إلى العراق، إلى البحث عن أنماط عمل مرنة لتأمين مصادر دخل بديلة، مشيرة إلى أن جائحة كورونا لعبت دورًا محوريًا في تسريع هذا التحول، بينما واصلت المنصّات الرقمية ترسيخ مفاهيم العمل الحر واقتصاد المهام.
وأضافت أن عمّال التوصيل، وسائقي تطبيقات النقل، والمستقلين الرقميين يمثلون الصورة الأكثر حضورًا لاقتصاد المنصّات الرقمية، إلا أن هناك نموذجًا آخر أقل تداولًا في النقاش العام، رغم تأثيره المباشر في خلق فرص الدخل، وهو نموذج البيع المباشر.
وأشارت الصالح إلى أن البيع المباشر غالبًا ما يتعرض لسوء فهم ويُخلط بينه وبين ممارسات غير مشروعة، مؤكدة أن البيع المباشر المشروع، بما في ذلك التسويق الشبكي الأخلاقي، أصبح أحد النماذج التي تسهم فعليًا في دعم اقتصاد المنصّات الرقمية، من خلال إتاحة مسار مرن نحو ريادة الأعمال دون الحاجة إلى رؤوس أموال مرتفعة.
وأكدت أن هذا النموذج يوفر مزايا إضافية مقارنة ببعض أنماط العمل الحر الأخرى، من بينها قابلية التوسع من دخل جانبي إلى مشروع ريادي، وتنمية المهارات الشخصية والمهنية عبر التدريب والإرشاد، فضلًا عن إمكانية الدمج بينه وبين وظائف أخرى لتنويع مصادر الدخل، خاصة في الأسواق المتقلبة.
وفيما يتعلق بالأثر الاجتماعي، أوضحت هند الصالح أن البيع المباشر يلعب دورًا مهمًا في تمكين النساء والشباب وسكان المناطق الريفية، الذين غالبًا ما يواجهون صعوبات في الوصول إلى سوق العمل الرسمي، بسبب محدودية الفرص أو القيود الجغرافية. وأضافت أن انخفاض عوائق البدء، ومرونة ساعات العمل، واعتماد النموذج على المهارات، يجعل منه خيارًا عمليًا لهذه الفئات.
وأشارت إلى أن البيع المباشر يمثل في العديد من المناطق الريفية شريان حياة اقتصادي، إذ يتيح للأفراد تحقيق دخل دون الحاجة إلى الانتقال إلى المدن، كما يسهم في توفير منتجات وخدمات قد لا تصل إلى تلك المناطق عبر القنوات التقليدية.
وحول حجم القطاع، استشهدت الصالح ببيانات الاتحاد العالمي لجمعيات البيع المباشر، التي تشير إلى مشاركة نحو 114 مليون شخص حول العالم في هذه الصناعة، وتحقيق مبيعات تجزئة تُقدّر بنحو 167.6 مليار دولار في عام 2023، معتبرة أن هذه الأرقام تعكس وزن القطاع ودوره الاقتصادي، رغم التحديات التي واجهها في بعض الأسواق الأفريقية خلال السنوات الأخيرة.
وفي هذا السياق، أشارت إلى تجربة شركة كيونت باعتبارها نموذجًا للبيع المباشر المسؤول، موضحة أن الشركة، التي تعمل في أكثر من 25 دولة، تعتمد على منتجات حقيقية، وخطط تعويض واضحة، والتزام صارم بالمعايير الأخلاقية والامتثال التنظيمي، إلى جانب الاستثمار في التدريب وبناء القدرات.
وأكدت الصالح أن كيونت وغيرها من الشركات الملتزمة تسهم في توعية الجمهور والجهات التنظيمية بالفارق بين البيع المباشر المشروع ومخططات التسويق الهرمي غير القانونية، من خلال التركيز على العمولات المكتسبة فعليًا ورضا العملاء.
واختتمت هند الصالح تصريحاتها بالتأكيد على أن تنظيم قطاع البيع المباشر ودمجه ضمن سياسات دعم العمل الحر والمشروعات الصغيرة يمكن أن يسهم في خلق فرص عمل أكثر استدامة، وتعزيز الشمول المالي، ودعم الاقتصاد الرقمي في مصر ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مشددة على أن البيع المباشر، عند ممارسته بشكل مسؤول، يمثل أداة تنموية حقيقية وليس مجرد مصدر دخل مؤقت.
الرابط المختصر: http://economy-live.com/?p=89769











