اختتم معرض جيتكس جلوبال 2024 دورته الرابعة والأربعين الجمعة، بعد خمسة أيام من الفعاليات المتميزة والجلسات الحوارية، مسلطاً الضوء على الدور المحوري للذكاء الاصطناعي كأداة تحولية ستستمر في إعادة تشكيل الصناعات وتعزيز النمو الاقتصادي والتجاري على مستوى العالم.
وقد أقيم المعرض في مركز دبي التجاري العالمي في الفترة من 14 إلى 18 أكتوبر الجاري بمشاركة أكثر من 6,500 شركة عارضة و1,800 شركة ناشئة و1,200 مستثمر، إلى جانب الحكومات المشاركة من أكثر من 180 دولة وحضور أكثر من 200 ألف زائر، في إشارة إلى أعلى مستوى من المشاركة الدولية على الإطلاق، مما عزز مكانة دبي كوجهة رائدة على الساحة العالمية للفعاليات والمعارض.
وجمع معرض “جيتكس جلوبال” أبرز الأسماء في مجال التكنولوجيا من جميع أنحاء العالم، مما عزز مكانته كأكبر وأهم تجمع تقني على مستوى العالم. حيث أقيمت نسخة هذا العام تحت شعار “التعاون العالمي لصياغة اقتصاد المستقبل القائم على الذكاء الاصطناعي”، ولم تقتصر الفعالية على وضع معايير جديدة للابتكار والفرص التجارية فحسب، بل أكدت أيضاً على دورها الفاعل في تشكيل مشهد تكنولوجي يعتمد بشكل متزايد على تبني الذكاء الاصطناعي.
كما شهد المعرض على مدار خمسة أيام توقيع العديد من مذكرات التفاهم والاتفاقيات الاستراتيجية، التي من المتوقع أن تسهم في تسريع نمو سوق الذكاء الاصطناعي العالمي، والذي يُقدّر أن يصل حجمه إلى 1,399 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2030، وفقاً لتوقعات شركة الأبحاث “ماركتس آند ماركتس”.
وقد تنامت مستويات المشاركة الدولية في معرض “جيتكس جلوبال 2024” بنحو 40% حيث شهدت نسخة هذا العام انضمام دول جديدة، بما في ذلك جنوب إفريقيا وبورتوريكو وفيتنام، إلى جانب الحضور الأكبر على الإطلاق من أوروبا لدول مثل النمسا، والبوسنة والهرسك، وايرلندا، ولاتفيا، وليتوانيا، والبرتغال، وصربيا، وسلوفينيا. مما مهّد الطريق لتكوين شراكات عبر القارات بين الدول الرائدة والناشئة في مجال التكنولوجيا، مما يسهم في تعزيز نمو منظومة الذكاء الاصطناعي بشكل أكبر.
وحمل كل يوم من أيام المعرض شعار لمواضيع متنوعة، منها الاستثمار، والأمن السيبراني، ومراكز البيانات، والتكنولوجيا المستقبلية، والذكاء الاصطناعي، مما يعكس الركائز الأساسية للاقتصاد الرقمي. ومع ترحيب دولة الإمارات بمجتمع التكنولوجيا العالمي، عزز معرض “جيتكس جلوبال” مكانته الرائدة في إعادة تعريف المشهد الرقمي العالمي، حيث أشادت العديد من المؤسسات بتأثير الحدث وتركيزه على الاتجاهات الرئيسية.
التأثير الرئيسي والنتائج الاستراتيجية في جيتكس جلوبال 2024
خلال الأيام الخمسة الماضية، حققت شركات عالمية رائدة مثل “أوراكل” و”ديل تكنولوجيز” و”مايكروسوفت” وغيرهم الكثير، تقدماً كبيراً في عرض أحدث ابتكاراتها في مجالات الذكاء الاصطناعي، والحوسبة السحابية، والأمن السيبراني، والحوسبة الطرفية، بالإضافة إلى تقنيات أخرى. وقد أتاح المعرض فرصة لتكوين شراكات جديدة، وتعزيز الابتكار التكنولوجي، والمساهمة في مستقبل الاقتصاد الرقمي العالمي.
وهذا ما أكده نيك ريدشو، نائب الرئيس الأول لسحابة التكنولوجيا في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا والمدير الإقليمي لدى “أوراكل” في الإمارات، مبيناً التزام الشركة بدعم رؤية الإمارات في مجال الذكاء الاصطناعي، وأهمية “جيتكس جلوبال 2024” في تعزيز ابتكاراتها في هذا المجال وفي السحابة. وصرح قائلاً: “في جيتكس، احتفلنا بمرور 35 عاماً من دعم طموحات الإمارات للنمو عبر تطوير بنية تحتية سحابية محلية متطورة، وتقديم أحدث تقنيات السحابة، وتنمية المهارات المتميزة، وتوسيع وجودنا المحلي. وقد كان تركيزنا في جيتكس جلوبال 2024 على الذكاء الاصطناعي الرائد في الصناعة والابتكار المتعدد السحابة، الذي يهدف إلى معالجة التحديات التجارية المعقدة في جميع القطاعات، وتسريع اقتصاد الذكاء الاصطناعي في الإمارات ومنطقة الشرق الأوسط بشكل عام”.
وخلال فعاليات المعرض، أعلنت شركة “أوراكل” عن إبرام اتفاقيات تعاون هامة مع كل من مؤسسة محمد بن راشد للإسكان، بهدف تسريع استراتيجية الإسكان في دبي عبر استخدام بنية أوراكل السحابية، وبنك المشرق لدعم توسعهم على المستوى العالمي. وتؤكد هذه الشراكات على دور “جيتكس جلوبال” كمنصة رائدة للكشف عن الابتكارات الاستراتيجية ودفع عجلة التحول الرقمي في المنطقة.
وتُعتبر شركة “ديل تكنولوجيز” واحدة من الشركات التقنية الكبرى التي حققت نجاحات ملحوظة بفضل مشاركتها في “جيتكس جلوبال 2024”. وهذا ما أوضحه محمد أمين، النائب الأول لرئيس شركة “ديل تكنولوجيز” في منطقة أوروبا الوسطى والشرقية والشرق الأوسط وإفريقيا وتركيا، قائلاً: “على مدار الأربعة عقود الماضية، لعب معرض جيتكس جلوبال دوراً أساسياً في تحفيز الابتكار التكنولوجي في منطقة الشرق الأوسط. وقد كانت ديل تكنولوجيز جزءاً من هذا النمو لأكثر من 30 عاماً. إن وجودنا في جيتكس يتيح لنا التواصل مع صناع القرار الإقليميين ومساعدتهم في التكيّف مع بيئة الأعمال المتغيرة بسرعة اليوم.
وأضاف: “وخلال فعاليات المعرض شهدنا العديد من النقاشات المثمرة حول عروض مصنع الذكاء الاصطناعي من ديل. وأكدت محادثاتنا مع عملائنا في المنطقة على التزامهم القوي تجاه الذكاء الاصطناعي، حيث لديهم رؤية واضحة واستراتيجية قوية، وهم بالفعل يطبقون حلولاً مبتكرة في هذا المجال لتعزيز أعمالهم. في ديل، نعتز بكوننا في صميم ابتكارات الذكاء الاصطناعي الخاصة بعملائنا، ونفخر بمساعدتهم في أن يصبحوا رواداً في رحلتهم مع الذكاء الاصطناعي”.
كما سلطت مايكروسوفت الضوء على مبادراتها المؤثرة في تعزيز الاقتصاد الرقمي العالمي ضمن فعاليات “جيتكس جلوبال”. حيث أشار نعيم يزبك، المدير العام لمايكروسوفت الإمارات، قائلاً: “نحن فخورون بمشاركة نتائج أحدث تقاريرنا حول مساهمة السحابة في النمو الاقتصادي لدولة الإمارات، والذي يبرز الدور الحاسم الذي يلعبه نظامنا البيئي السحابي المعتمد عالمياً في تعزيز النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل في جميع أنحاء الدولة. كما أعلنا عن مبادرة المهارات الوطنية للذكاء الاصطناعي، التي أطلقت خلال المعرض بالتعاون مع الإدارات الحكومية الرئيسية، مما يُظهر التزامنا بتمكين الأفراد والمؤسسات بالمهارات اللازمة للنجاح في عصر الذكاء الاصطناعي الجديد. وأنا واثق أننا سنواصل تحقيق تأثير تجاري ملموس من جيتكس جلوبال خلال الأشهر القادمة.”
تحفيز التغيير من خلال الحوارات الاستراتيجية حول التحول الرقمي العالمي
شكلت نسخة هذا العام من المعرض منصة استراتيجية لمعالجة التحديات والفرص التي يوفرها الذكاء الاصطناعي، مع التركيز على تطبيقه في القطاعات الحيوية التي تُشكل المستقبل الرقمي العالمي.
كما شهد المعرض أيضاً انعقاد أول قمة لقادة الاقتصاد الرقمي في العالم، إلى جانب الظهور الأول لإصدارات جيتكس، مما سلط الضوء على الابتكار، وربط أفضل الشركات الناشئة على مستوى العالم، وتعزيز الحوار حول تنظيم الذكاء الاصطناعي، والاستراتيجيات الاقتصادية، والتمويل الرقمي.
في حين برزت قضية الأمن السيبراني كموضوع رئيسي خلال اليوم الثاني من المعرض، مما أكد الحاجة إلى تأمين البنية التحتية الرقمية في ظل التهديدات السيبرانية المتطورة. واحتلت مسألة التنقل في المستقبل مركز الصدارة، حيث تم عرض ابتكارات الجيل القادم من المركبات ذاتية القيادة، والطائرات الكهربائية ذات الإقلاع والهبوط العمودي، بالإضافة إلى التقدم المتطور في مجال الذكاء الاصطناعي في صناعة تكنولوجيا السيارات.
وكان للذكاء الاصطناعي دوراً محورياً في تطوير مراكز البيانات الضخمة والمعيارية والطرفية، مما يعكس الطلب المتزايد على الحلول القابلة للتطوير وصعود المنطقة كمركز للبنية التحتية للبيانات المدعومة بالذكاء الاصطناعي. كما جمع معرض “جيتكس ديجي هيلث 5.0” قادة الصناعة لاستكشاف كيفية إحداث الذكاء الاصطناعي ثورة في رعاية المرضى وإعادة تشكيل مستقبل الرعاية الصحية، مع تسليط الضوء على الإمكانيات التحويلية للتكنولوجيا في تحسين النتائج الصحية.
وشهدت أيام المعرض جلسات حوارية ومناقشات حول تقنية الجيل الخامس والاتصال الذكي، والتكنولوجيا التعليمية، والمدن الرقمية، والتحولات في مجال الطاقة. وقد عرضت هذه الفعاليات معاً حوارات بالغة الأهمية تشكل مستقبل التحول الرقمي على نطاق عالمي، وتضمنت رؤى من رواد الصناعة – مثل جونج سو تشوي، كبير مسؤولي التكنولوجيا في مركز سامسونج الطبي في كوريا الجنوبية، وستيفان أواكي رئيس قسم في مجلس الابتكار الأوروبي (EIC)، والدكتور مارك ساجار، المؤسس المشارك لشركة “سول ماشينز” من نيوزيلندا، وهيمان بيكيلي، طفل العام 2024 من مجلة تايم، وفالنتين س. فولكوف، المؤسس المشارك لشركة “إكسبانسيو” (XPANCEO)، إلى جانب مشاركة الدكتورة ديان جانوسيك، المتخصصة في مجال الأمن السيبراني والتي شغلت مناصب قانونية وسياسية وتنفيذية في وكالة الأمن القومي والبيت الأبيض والبنتاغون. بالإضافة إلى ذلك، جمع معرض “جيتكس جلوبال” بين الهاكر الأخلاقي إنتي دي سوكلير وبريت جونسون.
ماذا بعد جيتكس جلوبال 2024؟
يُعتبر “جيتكس جلوبال” المنصة الأكبر عالمياً للفعاليات التقنية، حيث يضم مجموعة متنوعة من المعارض المميزة. من ضمنها معرض “جيتكس أفريقيا” في المغرب من 14 إلى 16 أبريل 2025، يليه معرض “جيتكس آسيا” في سنغافورة من 23 إلى 25 أبريل 2025. وبعد ذلك، سيُعقد معرض “جيتكس أوروبا” في برلين من 21 إلى 23 مايو 2025، تليه النسخة الأولى من معرض “جيتكس نيجيريا” في سبتمبر 2025، مما يعكس توسع محفظته من الفعاليات التقنية. تركّز جميع هذه المعارض على تعزيز التعاون والابتكار، بهدف تشكيل ملامح التكنولوجيا المستقبلية.
سيُقام معرض “جيتكس جلوبال” المقبل في الفترة من 13 إلى 17 أكتوبر 2025، حيث يعد بمزيد من الابتكار والتعاون في صناعة التكنولوجيا. وفي عام 2026، سيُنتقل معرض “جيتكس جلوبال” إلى إكسبو سيتي دبي، مما سيزيد من نطاقه وتأثيره.