شهدت السنوات الأخيرة طفرة كبيرة في تقنيات الذكاء الاصطناعي التي دخلت بقوة إلى مجالات الطب المختلفة، وكان لمجال الحقن المجهري وعلاج العقم نصيب بارز من هذه التطورات.
يؤكد الأستاذ الدكتور حاتم الجمل، رئيس قسم أمراض النساء والتوليد بكلية الطب جامعة عين شمس ورئيس وحدة الحقن المجهري والإخصاب المساعد، أن الذكاء الاصطناعي أصبح جزءًا أساسيًا في تحسين جودة عمليات الإخصاب المساعد وزيادة نسب الحمل الناجح، بعد أن كان يُنظر إليه كأداة مستقبلية.
تقييم البويضات أصبح أكثر دقة بفضل خوارزميات قادرة على تحليل الصور بعمق، بحيث يمكنها رصد تفاصيل لا تراها العين المجردة، مثل انتظام النواة وسلامة الغشاء الخارجي ومؤشرات دقيقة داخل السيتوبلازم. هذه البيانات تتيح اختيار البويضات ذات أفضل فرص النجاح وتقليل معدلات الفشل المبكر.
كما ساعد الذكاء الاصطناعي على تطوير عملية اختيار الحيوان المنوي المناسب، حيث لم تعد تعتمد فقط على الشكل والحركة، بل تشمل تقييم جودة الحمض النووي والتناسق الهيكلي. وعبر دمج تقنيات التكبير المجهري العالي مع أنظمة التحليل الذكي، أصبح بالإمكان فحص آلاف العينات بسرعة فائقة واختيار الأنسب لزيادة فرص الإخصاب.
أما تقنية التصوير الزمني المستمر Time-Lapse، فتمثل أحد أبرز الابتكارات في متابعة نمو الأجنة داخل الحاضنات دون إخراجها. وعند دمجها مع الذكاء الاصطناعي، يمكن تحديد الأجنة ذات أعلى فرص الانغراس، واكتشاف أي انقسامات غير طبيعية مبكرًا. وتشير البيانات إلى أن هذه التقنية ساهمت في زيادة نسب الحمل السريري بنسبة تصل إلى 30% مقارنة بالطرق التقليدية.
وفي خطوة مهمة، يتيح الذكاء الاصطناعي تحديد التوقيت الأمثل لزرع الجنين، من خلال تحليل نتائج الفحوص الجينية وربطها بعوامل أخرى مثل سمك بطانة الرحم ومستوى الهرمونات واستجابة المبيض. هذا التحليل المتكامل يزيد من فرص نجاح الحمل واستمراره.
ويضيف الجمل أن من أبرز مكاسب هذه التكنولوجيا القدرة على تقديم خطط علاجية فردية لكل مريضة، استنادًا إلى بيانات دقيقة تشمل العمر، مؤشر كتلة الجسم، التاريخ الطبي، وجودة البويضات والحيوانات المنوية، ما يقلل من الاعتماد على التجربة والخطأ ويوفر الوقت والجهد والتكلفة.
ورغم هذه المزايا، يؤكد الجمل أن الذكاء الاصطناعي لا يمكن أن يحل محل الطبيب، بل يعمل كأداة داعمة تعزز دقة القرار الطبي، بينما تظل الخبرة الإنسانية والتواصل المباشر مع المريض عنصرين أساسيين لنجاح العلاج.
ويختتم حديثه بأن المستقبل القريب سيشهد تقنيات أكثر تخصيصًا ودقة، مثل الحاضنات الذكية والتحليلات الجينية المتقدمة، مما سيجعل رحلة علاج العقم أكثر فاعلية وإنسانية.
الرابط المختصر: https://economy-live.com/?p=67076